الأربعاء، 25 فبراير 2015

البحث في مادة تعليم في وطن العربي الإسلام وتعليم المرأة (مكانة المرأة في الإسلام وحكم تعليمه مع دليل القرآن والسنة)

الإسلام وتعليم المرأة
تمهيد
الحمد لله الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقو الله الذي تساءلون به والأرحام ان الله كان عليكم رقيبا، والصلاة والسلام على نبيه محمد صلي الله عليه وسلم الذى بعث ليتم مكارم الأخلاق وعلى آله وأصحابه أجمعين. قال الله في كتابه العزيز : ﴿قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون﴾ (الزمر آية :9) وقال النبي صلي الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة علي كل مسلم. أما بعد.
إن الإسلام منهج شامل للحياة، حيث تناولت تعاليم الإسلام حياة الإنسان في جميع أحواله، فوضعت له أسمى المبادئ وأشرف القيم، وأقوم القواعد التي تحقق سعادة الفرد والجماعة، وقد كان ظهور الإسلام مولدًا جديدًا للمرأة، وبعثًا لحياة جديدة، رأت فيها العزة والكرامة بعد القهر والإهانة التي عاشت في ظلمها فترة من الزمن، وقد اهتم الإسلام بتعليم المرأة، وتربيتها، فهي المدرسة الحقيقية التي تتربى فيها أجيال الإسلام، والمرأة ركن أساس من أركان المجتمع المسلم في حاضره ومستقبله، وهي أداة رئيسة لإعادة إنتاج القيم والمبادئ الأساسية للمجتمع وللأمة بأسرها.
لكن في الواقع أن الملامح التعليمية الواضحة للمرأة تأخرا في بعض البلاد. وأشد خطرا أن هذه البلاد على الأغلب يسمون أنفسهم يدينون بدين الإسلام. أهكذا الإسلام في تعليم المرأة؟ بذالك الواقع ينشأ اللمح السيئة والقبيحة في سمعة الإسلام. لذلك كتب الكاتب هذا البحث القصير لمفهوم نفسي وأنفسهم كيف كانت المرأة في الإسلام وكيف دور الإسلام في تربية  وتعليم نسائه. يحتوي هذا البحث عن مكانة المرأة في الإسلام وحكم تعليم المرأة في الإسلام بدليل من القرآن والسنة.


مكانة المرأة في الإسلام
قبل جاء الإسلام في هذا الأرض وكان أحوال المرأة مختلفة حسب زمنه. وكانت نظرة العامة إليها، عند الهنود كانت ممتهنة ولا حقوق لها، وعند اليونان كانت حبيسة البيت، وكانت مجرد متعة، ولا يتزوجونها إلا من أجل أولاد شرعيين. وعند اليهود المرأة سبب في غواية آدم، وهي أمرُّ من الميت، وتعتبر عند بعض الطوائف اليهودية خادمة لا أكثر. وما زالت النظرة عند بعض الشعوب للمرأة على أنها للمتعة فقط، فمما تعاب به الفتاة عندهم أنها تبقى عذراء. وعند الرُّومان لم تكن للمرأة أي أهلية وهي تحت سلطة والدها، تحرم من الإرث وتمنع من الرزق.
وعند المسيحية كان ينظر لها على أنها هي التي جلبت اللعنات للبشر، وأن الشيطان يظهر بجسد امرأة. وعند الفرنسيين اعتبرت المرأة عندهم أنها إنسان، لكنها خلقت لخدمة الرجل، حرمت المرأة من القراءة والكتابة، وحرمت من المواطنة. وعند الإنجليز كان ينظر إليها على أنها حقيرة عندهم ووضيعة، ولا يفرح لولادتها، بل يختبِئ والدها ويتوارَى عن أعين الناس. وأما المرأة الفرعونية فقد نالت بعض الحقوق، وتمتعت ببعض الامتيازات، وكانت المرأة تعد في العصر الجاهلي عارًا وإثمًا، لذا يجب التخلص منها، فكانت توأد تحت التراب، وكان الابن الأكبر بعد موت أبيه يرثها، وكانت المرأة في الشرائع القديمة ممتهنة الكرامة، يشكك في أهليتها وإنسانيتها.
وبعد جاء الإسلام كان أحوال المرأة تغيير بتغيير تاما. قبل الإسلام تقع في أدني مرتبة وبعد جاء الإسلام تقع في تساوي درجة بل أعلي منه. وقد اعتبرها الإسلام روحًا وجسدًا، لها كرامة كاملة، وأنها إنسانة مثلها مثل الرجل، فأصبحت البنت أول قدومها للحياة تستقبل بالفرح والأهازيج والابتهاج، وأمر الإسلام الوالد أن يعقَّ عن ابنته كما يعق عن ولده، والقيام بأعمال نسكية تعبدية شُرِعت في السُّنة؛ مثل الأذان في أذنها اليمنى، وإقامة الصلاة في أذنها اليسرى، وأن يختار لها أحسن الأسماء، قال - صلى الله عليه وسلم : كل غلام رهينٌ بعقيقة، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمَّى فيه ويحلق رأسه (رواه الخمسة وصححه الترمذي).
فلم يعتبرها الإسلام مجرد متاع أو أنها بلا كرامة، بل كانت الرعاية ولا نقول منذ النشأة الأولى، بل وهي في بطن أمها، لا بل قبل. حيث أمر الإسلام الرجل بالبحث عن المرأة ذات الدين (فاظفر بذات الدِّين تَرِبت يداك)، وأمر أولياء المرأة أن يختاروا صاحب الدين (إذا أتاكم مَن ترضون دينه وخُلقه فزوِّجوه) وخاطب الإسلام الرجل والمرأة بالتكاليف الشرعية وأمر برعاية المرأة أختًا وبنتًا وزوجة وأمًّا ورحمًا تصان.

الإعتراضات في تعليم المرأة
وكان من العلماء المسلمين من يحرم على البنت تعلم القراءة والكتابة ورواية الشعر، ويكتفي بتعليمها القرآن ومن القرآن (سورة النور) حسب ما جاء في سقط الزند لأبي العلاء المعري والبيان والتبيين للجاحظ (جـ 2 ص 180). وقد تشدد بعضهم في تحريم تعليم البنت الكتابة لدرجة اننا رجلا مثل  أبي الثناء الألوسي يؤلف رسالة يسميها "الإصابة في منع النساء من تعلم الكتابة". ومن الحجة  ايضا التي طرح المانعون في تعليم المرأة هو مهما المرأة تحصل على أعلي درجة من التعليم ونهايتها تبقي في البيت. وكان أيضا حديث بتحريم تعليم المرأة القراءة والكتابة، قال: (لا تسكنوهن الغرف ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن المغزل وسورة النور).

حكم تعليم المرأة في الإسلام
الآراء الذي ذكر المعترضين تتناقض مع طبيعة روح الإسلام في النظر إلى المرأة واحترامها وتكريمها. كان أدلة كثيرة من القرآن والسنة التي تحثَّ الإسلام على التعليم ودعا إليه، وجعل للعالم مكانة تفوق منزلة الذين لايعلمون، ولقد قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ (فاطر آية : 28) فالخشية من الله تعالى مرتبطة بالعلم كما أن العلماء هم ورثة الأنبياء. ويقول الله عز وجل: ﴿هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ﴾ ( الزمر آية: 9) ويقول كذلك سبحانه: ﴿اقرأ بسم ربك الذي خلق*خلق الإنسان من علق*إقرأ وربك الأكرم﴾ (العلق 1-3) والمرأة والرجل في تلك الآيات سواء.
ولقد تولَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعليم النساء بنفسه، وجعل لهن يومًا يلتقي بهن بعيدًا عن الرجال؛ يُعلمهنَّ، ويُفقههن في أمور دينهن، وكانت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا سيما عائشة - رضي الله عنها - مُعلمات عظيمات، نقَلن إلى الأمة كثيرًا من الأحاديث النبوية، وأحكام الشريعة الإسلامية، ولقد أثبتت المرأة المسلمة على مدار العصور أنها أهلٌ للثقة ورمز للتفوق، كما أثبتت أنها لا تقل عن الرجل استعدادًا للمعرفة، وكفاءةً في طلب العلم، فكانت منهن المحدثات العابدات، والعالمات التقيات.
وفي حديث صحيح (النساء شقائق الرجال). يعلم من هذا الحديث أن كل ما أمر به المسلم ومن جملته طلب العلم، فهو بحق المرأة إلا ما خصص، يقول الرسول الله صلى الله وعليه وسلم لأحد الصحابيات، وكان اسمها الشفاء، (ألا تُـعلّمين هذه - يريد حفصة - رقية النملة كما علمتها الكتابة). من عظمة فعل الرسول الله صلى الله وعليه وسلم أنه كان أميا وأمر بتعليم زوجته المسنة حفصة الكتابة. وفي هذا درس بليغ للرجال الذين يتركون نساءهم على أميتهن وجهلهن، فينشأ لديهن الفراغ المخيف بسبب عدم مطالعة الكتب النافعة مما قد يؤدي إلى وساوس شيطانية أو يؤدي إلى عدم معاونة أولادها على الدراسة.
ويقول الله عز وجل ﴿ يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة﴾ (التحريم آية 6)  هذه الآية أصل في تعليم أهل البيت وتربيتهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وإذا كان الرسول صلى الله وعليه وسلم قد حث على تعليم الإماء وهن أرقاء، فما بالك بأولادك وأهلك الأحرار؟ قال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه : "باب تعليم الرجل أَمَته وأهله ثم ساق حديثه عن الرسول صلى الله و عليه وسلم : ثلاث لهم أجران. ورجل كانت عنده أمة فأدّبها فأحسن تأديبها، وعلّمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران وقال البخاري رحمه الله - باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم، وساق حديث أبي سعد الخدري - رضي الله عنه - قالت النساء للنبي صلى الله وعليه وسلم (غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك، فوعدهن يوما لقيهنّ فيه فوعظهنّ وأمرهنّ....).
قال ابن حجر : ووقع في رواية سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة بنحو هذه القصة فقال :
( موعدكن بيت فلانة فأتاهن فحدثهن). ويؤخذ من هذا الحديث تعليم النساء وحرص نساء الصحابة على التعلم، وأن توجيه الجهود إلى الرجال دون النساء، تقصير كبير من أولى الأمر. يقول الله عز وجل: ﴿ ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف﴾ (البقرة الآية :228)، يعلم من هذه الآية أن كل ما أمر به الرجل ومن جملته طلب العلم فهو بحق المرأة أيضا إلا ما خصص. لقول الرسول الله صلى الله وعليه وسلم :طلب العلم فريضة على كل مسلم ، ومنه فإن هذه الآيات والأحاديث بحق النساء تكذب قول الجامدين بتحريم تعليم المرأة مطلقا دون قيد أو شرط الكتابة والقراءة.
وأما الحديث (لا تسكنوهن الغرف ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن المغزل وسورة النور) حديث موضوع. ففي إسناده محمد بن إبراهيم الشامي كذبه الدارقطني .وقال ابن عدي : عـامة أحاديثه غير محفوطة، وقال ابن حبان : يضع الحديث.

الخلاصة
إن للمرأة شأنا عظيما في سير أي مجتمع واتجاه أي أمة، فلها دور كبير حينما تستقيم الحياة على منهج الله، ويتنسم العباد عبير الطهر والعفة والاستقامة، وتنتشر المحبة والألفة والتعاون والتكافل بين الناس. ولها دور كبير أيضا حينما تنحرف الحياة عن منهج الله، وتتخبط المجتمعات البشرية لاهثة وراء القوانين الوضعية والأحكام البشرية والتشريعات الأرضية، ويتجرع العباد مرارة الانحلال في شتى صوره ومجالاته، فينتشر الحقد والحسد، وتسود العداوة والبغضاء ، ويعم الظلم والأنانية أفراد المجتمع ، فالنساء نصف الأمة، ثم إنهن يلدن النصف للآخر، فهن أمة بأكملها.


عبد الرحيم داني إندونيسي

المراجع
شرح السيوطي لسنن النسائي
http://www.alukah.net/publications_competitions/0/55585
فتح الباري لابن حجر ج.1، ص: 195
رواح ابن ماجه وهو حديث حسن
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=78525
رواه أبو داود في سننه
صحيح البخاري، كتاب العلم في باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم، رقم 99
التربية المقارنة للدكتور محمد منير مرسي، ص 240
سلسلة الضعيفة 5، ص:30

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق